فهي أقل كلفةً من العمالة الوافدة، وتمتاز بالخبرة والكفاءة، وتتوائم مع طقس المنطقة وطبيعة العمل، ولا يلتزم المشغلون بدفع رسومٍ للحكومة، أو التعهد بتوفير تأمينٍ صحيٍ لهم، أو دفع بدلات مختلفة وتوفير أماكن إقامة، بينما العمالة الوافدة من دولٍ بعيدةٍ كتايلند وأكرانيا والفلبين وغيرها، فهي مكلفة جداً وغير مستقرة، ويتحمل رب العمل كامل المسؤولية عنها، ولا يستطيع التخلص منها بسهولة في حال كانت رديئة أو عديمة المنفعة أو قليلة الخبرة والكفاءة، إذ يخضعون لقوانين العمل، وترعى سفارات بلادهم حقوقهم وتدافع عنهم، الأمر الذي يجعلهم يتوجهون بقوةٍ نحو العمالة الفلسطينية القريبة، والأقل كلفةً والأكثر خبرةً وقدرةً وكفاءةً.
إلا أن سوق العمل الإسرائيلي مغلقٌ أمام عامة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، فلا يستطيع العمال التوجه من تلقاء أنفسهم للعمل في المرافق الإسرائيلية، حيث يلزمهم للسماح لهم بدخول الأرض المحتلة عام 48، والعمل في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء وغيرها، الحصول على موافقةٍ أمنيةٍ مسبقةٍ، تصدرها الإدارة المدنية الإسرائيلية، وهي موافقة مؤقتة ويلزم تجديدها دورياً، ويتحدد فيها نوع العمل ونطاقه والمناطق التي يستطيع العامل المرور أو التواجد فيها، ويجبر على العودة يومياً، إذ لا يسمح له القانون بالمبيت في الأرض المحتلة، وإلا يعتبر مخالفاً ويتم اعتقاله، ويصادر تصريحه، وقد لا يعاد إليه مرةً أخرى.
علماً أن التصاريح التي تصدر تخضع كلها للموافقة الأمنية المسبقة، حيث تقوم المخابرات الإسرائيلية بمراجعة طلبات التصريح، وتدرس كل حالةٍ بمفردها، ولا تمنح تصريحاً بالعمل لمن كان معتقلاً أو كانت له سابقة قومية، أو لمن قام أحد أفراد عائلته بتنفيذ عمليةٍ ضد أهدافٍ إسرائيلية، فضلاً عن مجموعة كبيرة من الشروط والمحددات الأمنية، التي تفرضها لضمان توفر الأمن والسلامة في حملة تصاريح العمل.
خلقت هذه الظروف القاسية التي تجمع بين حاجة الفلسطينيين للعمل في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، والضائقة الاقتصادية الخانقة في الضفة الغربية، والقيود الإسرائيلية المفروضة على عجلة الاقتصاد الفلسطيني المعطلة، والتي تقيدها قوانين الاحتلال الجائرة واتفاقية باريس الاقتصادية غير المتوازنة، وآلية الحصول على تصاريح العمل، مجالاً لنشوء سوق جديدة اسمها سوق التصاريح الأمنية، وهي سوق قذرةٌ غير نظيفة، وسيئةٌ غير بريئة، فيها استغلالٌ وابتزازٌ وإخضاعٌ وإذلالٌ، وهي سوقٌ مشتركةٌ بين منتفعين إسرائيليين وآخرين فلسطينيين، يقومون خلالها ببيع تصاريح العمل إلى من يطلبها من الفلسطينيين، مقابل مبلغٍ يتراوح بين 550-700 دولار شهرياً لكل تصريح عمل.
كما أن أرباب العمل الإسرائيليين المستفيدين من العمالة الفلسطينية غير مبرئين من هذه الجريمة الأخلاقية، فهم شركاءٌ مع السماسرة من الجانبين، وجزءٌ رئيسٌ من العملية القذرة، فهم يساهمون بتعاونهم مع السماسرة في تخفيض الأجور وشطب الحقوق، كما يلعبون دوراً في تحديد هوية العمال وأشخاصهم ومناطقهم، وفقاً لمنافعهم وحجم عوائدهم المتوقعة من تشغيلهم.
رغم أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تشجع هذه الظاهرة وترعاها، إذ تتم بعلمها وموافقتها، حيث أن التصاريح تصدر عن الجهات الأمنية الرسمية وضباط الإدارة الأمنية، الذين يعلمون أن قطاعاً غير قليلٍ من مواطنيهم يعملون سماسرة في هذا المجال، إلا أن بنك "إسرائيل" قد أصدر تقريراً عن ظاهرة بيع تصاريح
العمالة، فذكر أن حجم العوائد التي حصل عليها العاملون في هذا السوق تجاوزت في العام 2018 مبلغ 35مليون دولار، حصل عليها سماسرة إسرائيليون وفلسطينيون، وذكر التقرير أن هذه الآلية المتبعة تسببت في ظلم عشرات آلاف العمال الفلسطينيين، الذين حرم بعضهم من حق العمل، وأجبر آخرون على دفع بدلاتٍ شهرية لقاء تجديد تصاريحهم، حيث يضطرون للخضوع إلى شروط السماسرة المهينة.
ينبغي على السلطة الفلسطينية، وما يسمى بلجان التنسيق المشتركة، ووزارة الحكم المحلي، أن تتصدى لهذه الظاهرة، وأن توقف هذه اللعبة القذرة، وأن تحارب المتورطين فيها وتحاسبهم، وأن تطالب سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالكف عنها وعدم التستر عليها، وأن تقف إلى جانب قطاع العمال الفلسطينيين وتنصفهم، وتحول دون ابتزازهم واستغلالهم، واستنزاف أموالهم والضغط عليهم.
فهذه الآلية المتبعة فضلاً عن أنها ترهق كاهل العمال الفلسطينيين، وتكوي ظهورهم بسياط الابتزاز والاستغلال، فإنها مدخل مريح للمخابرات الإسرائيلية، وبوابة واسعة لها لتوريط بعض ذوي الحاجة والضغط عليهم لتشغيلهم وربطهم، فهل إلى راعٍ مسؤولٍ يحمي الشعب ويدافع عنه، ورائدٍ صادقٍ يحفظ حقوقه ويصون كرامته، وغيورٍ على أهله وخائفٍ على شعبه، ينتفض في وجه السماسرة ويضع حداً لشرهم وشراهتهم وجشعهم وطمعهم، رحمةً بالشعب وبالطبقة الكادحة الأكثر فقراً والأشد حاجة، والأكثر تهميشاً والأسوأ ظروفاً.
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar