من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين نعمة التوفيق، فكم لله علينا من نعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، لكننا لا نشعر بها؛ لأنها أصبحت مألوفة لدينا، كأننا قد عملنا عقدًا بيننا وبين الله تعالى أن تستمر هذه النعم معنا حتى الموت.
في الحقيقة حتى تستمر هذه النعم معنا، يجب أن ننسبها إلى صاحبها، وأن نؤدي شكرها، وأن نستخدمها في الطاعة ومساعدة الآخرين، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ﴾ (النحل: من الآية 53)، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) (إبراهيم).
إذا أردت أن تعرف قيمة نعم الله عليك فاسأل نفسك هذه الأسئلة:
- هل جربت يومًا أن تعيش وأنت مغمض العينين؛ حتى تعرف قيمة نعمة البصر التي وهبك الله إياها؟
- هل جربت يومًا أن تعيش بدون حركة القدمين في بيتك؛ حتى تعرف قيمة نعمة الأقدام التي تمشي عليها؟
- هل جربت يومًا أن تعيش دون أن تتكلم؛ حتى تعرف قيمة نعمة اللسان الذي تعبر به عما في داخلك؟
- هل جربت يومًا أن تعيش بلا سيارة، وتستخدم أقدامك أو المواصلات العامة؛ حتى تعرف قيمة هذه النعمة التي تستخدمها كل يوم وأنت لا تشعر بها؟
أسئلة كثيرة اطرحها على نفسك حتى تعرف فضل الله عليك.
غالبًا نحن نحصر النعم في المال والصحة فقط، والحقيقة النعم أكثر من ذلك، فهناك نعمة العطاء؛ فهي تشمل كل ما يعطيك الله إياه، من مال، وصحة، وأولاد، وأمن، وسكينة النفس، والقناعة، والرضا، وحب الناس لك.
وهناك نعمة الدفع؛ وهي أن يدفع الله عنك الأمراض، والحوادث، والمصائب، وأن يمنع عنك كل مكروه وسوء.
يجب أن ننظر دائمًا إلى بواطن الأمور وعواقبها، ولا ننظر إلى ظاهرها فقط؛ فالأمور بنهايتها قال تعالى: ﴿
وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
(216) (البقرة).
ومن أعظم النعم علينا جميعًا نعمة التوفيق، ومعناه أن يكتب الله لك النجاح في كل عمل تعمله، وتشعر بأن الله قريب منك، فترى كل عمل ميسر، وهذا يجعلك دائمًا على حسن صلة بالله في كل أمور حياتك، وتطلب منه التوفيق دائمًا ومن أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) (هود).
فإذا كنت- مثلاً- طبيبًا، وجعلك الله سببًا لشفاء المريض، أو سببًا لتخفيف آلامه، وقمت بعمل جراحة صعبة لمريض، ونجحت على أحسن ما يكون، فيجب عليك ألا تنظر إلى الخبرة والدراسة والإتقان والجودة فقط، وإنما أن تنسب هذا النجاح والتوفيق إلى صاحبه الحقيقي، وهو الله سبحانه وتعالى؛ حتى تستمر هذه النعمة معك.
إذا كنت باحثًا أو عالمًا أو مخترعًا، واكتشفت شيئًا جديدًا في البحث العلمي، فلا تنظر إلى ذكائك وموهبتك، وإنما تواضع، وقل "الفضل لله أولاً وأخيرًا".
قال الإمام علي رضي الله عنه: "من اعتمد على ماله قلَّ، ومن اعتمد على عقله ضلَّ، ومن اعتمد على الله فلا يضلّ".
وقال الشاعر الحكيم:
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
وإذا كنت تاجرًا أو رجل أعمال، ونجحت تجارتك، وحققت أرباحًا كثيرة، وأصبحت من مشاهير الأغنياء؛ فلا تنظر إلى ذكائك وعقلك وخبرتك فقط، وإنما رد الجميل إلى صاحبه، وانسب الفضل إلى أهله، وقل كما قال سليمان عليه السلام: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) (النمل).
ولا تكن مثل قارون، حينما منحه الله أموالاًً كثيرة، ورفض أن يؤدي شكرها، فنسب الثراء إلى علمه وعقله، فقال: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ (القصص: من الآية 78)؛ فكانت النتيجة كما حكى القرآن: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ (81) (القصص).
- يجب أن نتعلم اليوم درسًا مهمًّا؛ وهو أن كل عمل نعمله يحتاج إلى توفيق، فقبل أن تبدأ العمل وأثناءه وبعده اطلب التوفيق من الله سبحانه وتعالى وحده، ثم اشكره على هذه النعمة حتى يستمر نجاحك في عملك.
من معاني التوفيق: أن تكون نافعًا لنفسك، ولأسرتك، ولمجتمعك الذي تعيش فيه، فتكون مصدر خير للآخرين، تدخل السرور على قلوبهم، وترسم البسمة على وجوههم.
ومن معاني التوفيق أيضًا: أن تشعر بأنك قريب من الله، وأن الله قريب منك، وأن تشعر بسعادة داخلية في كل عمل تقوم به، مهما كان صعبًا، وأن يذكرك الناس بعد مماتك بالخير، والسيرة الحسنة.
إذا أُعطيت هذه النعمة، فثق تمامًا أن الله تعالى قد أعطاك أعظم النعم، بعد أن هداك إلى الإسلام، ألا وهي نعمة التوفيق... نسأل الله تعالى أن يوفقنا في الدنيا والآخرة.
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar