بسم الله الرحمان الرحيم
لا تنس صيام الدهر
مضى رمضان، وبدأ شوال، ولكن رب رمضان هو رب شوال هو رب الشهور كلها، والاستمرار في الطاعة هو دليل قبول رمضان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل عمل شرة (أي نشاطًا) ولكل شرة فترة (أي فتورًا نسبيًّا)، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد ضلَّ".
يا من وفقك الله في رمضان.. إياك أن تعود إلى ذنوبك التي كانت قبل رمضان (من غيبة وكذب و...) لقد ذقت حلاوة الدمعة ولذة المناجاة، وهي أسعدُ أوقاتِ العابدين، فلا تتركها، كذلك القيام والصيام والصدقة والقرآن والذكر.
وصيام الستة من شوال بعد رمضان فرصة من الفرص الغالية؛ بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.
وقد أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمته إلى فضل صيام الست من شوال، وحثَّهم بأسلوب الترغيب على صيام هذه الأيام.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر" (رواه مسلم وغيره)، قال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: "وإنما كان كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين"، ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك قال: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضًا".
وإذا كان من علامات قبول الطاعة التوفيق إلى الطاعة؛ فإن صيام الست من شوال بعد رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى، أن وفقه إلى صيام رمضان وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، والرغبة في المواصلة في طريق الصالحات، وأنه على العهد مع ربه سيظل جاهدًا في عبادة وطاعة؛ لأنه لم يكن ليعبد الله في رمضان ويتخلَّى عن عبادته بعد رمضان.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده فهو من فعل مَن بدل نعمة الله كفرًا"، وقيل لبشر الحافي رحمه الله: إن قومًا يتعبَّدون ويجتهدون في رمضان..!! فقال: "بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقًّا إلا في شهر رمضان.. إن الصالح الذي يتعبَّد ويجتهد السنة كلها".
من حكمة صيام الست من شوال
أولاً: أن صيام ست من شوال بعد رمضان يستكمل بها المسلم أجر صيام الدهر كله.
ثانيًا: أن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص؛ فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة، وأكثر الناس في صيامه للفرض نقصٌ وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال.
ثالثًا: أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، فمعاودة الصيام بعد الفطر شكرٌ لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى عبادَه بشُكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: ﴿وِلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ﴾ (البقرة: من 185)، فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكرًا عقب ذلك.
رابعًا: أن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان، بل هي باقيةٌ ما دام العبد حيًّا، فالعائد إلى الصيام بعد فطره يدلُّ عودُه على رغبته في الصيام، وأنه لم يملَّه ولم يستثقلْه.
مسائل تتعلق بصيام الست
- يعتقد بعض الناس أنه إذا صام الست من شوال هذه السنة فلا بد أن يعاود الصيام في كل سنة، وهذا غير صحيح، فالأمر بالخيار إن شاء صام هذه السنة وأفطر السنة التي بعدها، فليس الأمر ملزمًا بالصيام في كل سنة.
ولنتذكر قوله تعالى ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (آل عمران)، وقوله تعالى ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الحديد).
- يعتقد بعض الناس أن الإنسان إذا بدأ في صيام ستة أيام من شوال فلا بد أن يكملها حتى تنتهي ولا يُعذَر بقطع الصيام بعد يوم أو يومين لعُذر أو مرض أثناء الصيام، وهذا غير صحيح، فالمتطوع أمين نفسه، يستطيع أن يقطع الصيام في أي وقت شاء ومتى شاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر" (الترمذي).
- ينبغي لمن أراد صيام ست من شوال أن يبيِّت النية من الليل؛ لأنه صيام أيام مخصوصة في وقت محدود لها أجر مخصوص، وليس كصيام النفل المطلق.
- من عليه قضاء أيام من شهر رمضان فلا بد أن يقضي هذه الأيام أولاً، ثم يصوم الست؛ لأن صومَ رمضان فرض وصيام الست نفلٌ لظاهر الحديث "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال.. الحديث.." والمسألة لا تخلو من خلاف العلماء.
- تُستحب المبادرة بصيام الست من شوال؛ بحيث يبدأ بها من اليوم الثاني من الشهر، ولا حرَج في عدم المبادرة فلو أخَّرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس.
- كون صيام رمضان وإتباعه بستٍّ من شوال يعدل صيام الدهر؛ فهذا لأن الحسنة بعشر أمثالها، وقد جاء ذلك مفسّرًا من حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام سنة" يعني رمضان وستة أيام بعده (خرجه الإمام أحمد (5/280) وابن حبان في صحيحه (3627)، وقال الإمام أحمد: ليس في أحاديث الباب أصح منه).
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar