بسم الله الرحمان الرحيم
كلامي هذه المرة إلى المرأة العربية المسلمة
وسأبدأه بنصيحة:
تحلي بالأمل ولا تيأسي، يجب أن تعلمي أن الرهان عليك أنتِ، أي أن رهان من
يريدون للإسلام أن يكون بخير، وكذلك رهان من يريدون للإسلام أن ينتهي،
يرتكز في الأساس على المرأة.
الكل يراهن على المرأة، لو ظلت المرأة
بخير سيتحقق الأمل، وإذا ظنت أن الدين يضطهدها ويعاملها معاملة سيئة
ويكبتها وهي لا تريده، إذن، فقد انتهى كل شيء.
أنت التي ستحددين
مصيرنا في المئة سنة المقبلة.. وليس الرجال.
لماذا؟
لأن
المرأة نصف المجتمع، وهي، في الوقت نفسه، تُربي النصف الثاني.
فإما
أن تقومي بتربية شباب يقومون على خدمة هذا الدين، شباب مثل صلاح الدين.
وإما أن تُعدّي شباباً يعيشون دون قيمة ولا هدف في الحياة.
ولذلك،
فإنني سعيد بأن هذا المقال للمرأة.
كما أنني أكون سعيداً حين تكون
بعض محاضراتي التي ألقيها في كل مكان، من المحيط إلى الخليج، للنساء.
وبالمناسبة، هو أمر ليس مبتدعاً. فقد كان النبي يقيم محاضرات خاصة بالنساء.
ذهبت
السيدة رفيدة إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقالت له: «يا رسول الله،
غلبك الرجال علينا». فقال لها: «نعم. فماذا تُردن؟». فقالت: «تجعل لنا
لقاءً كما تجعل لهم». فقال: «نعم». وبذلك كانت النساء يحضرن درس الرجال
ودرساً خاصاً بهن لا يحضر فيه الرجال.
دعوني أسألكم إذن: لماذا يفعل
النبي ذلك، إن لم يكن يعلم جيداً أن هذا الموضوع مهم ومؤثر؟
هل
تستشعرين هذا المعنى؟
إذا استشعرتِ المرأة أنها هي المسؤولة عن
الإسلام، وأن نجاح الأمة بيديها، ستتغير الأمة تماماً، وستنهض نهضة عظيمة
خلال العشرين سنة المقبلة. فالمفتاح في يد المرأة.
لقد رأى أعداء
الأمة أن مفتاح القضاء على هذا الدين وعلى هذه الأمة، يكمن في بُعد المرأة
عن الإسلام. ومن ثم فقد ابتعدت المرأة جداً عن الإسلام، وبذلك وقعت الأمة.
أما
الخمس عشرة سنة الأخيرة، فقد شهدت تديناً للمرأة، ما أدى إلى اقتراب الناس
من الله، وكانت المرأة هي الدافع، وكانت النتيجة، أن تديَّن الكثير من
الرجال على أيدي زوجاتهم.
أريد أن أطرح تساؤلاً مهماً: لماذا تكون
معظم الشبهات التي توجه إلى الإسلام خاصة بالمرأة؟
ففي يوم، قمت
بحصر كل الشبهات، التي توجه إلى الإسلام، ووجدت أن 60 في المئة من هذه
الشبهات خاص بالمرأة. وقد كان كل ذلك زوراً، لأن الإسلام لم يفعل ذلك
بالمرأة، إنما كانوا يفسرون أوامر الإسلام بالعكس، ليظهروه مضاداً للمرأة.
ولكن،
لماذا 60 في المئة، عن المرأة؟ لأنهم يريدون لها أن تشعر بأن الدين
يضطهدها ويقلل من مكانتها. ولكن، كيف يمكن الظن أن الرسول (صلى الله عليه
وسلم) يقلل من مكانتك، وهو رسول الإنسانية الذي يدرك دورك تماماً؟ بالتأكيد
هناك سوء فهم.
والآن، ننتقل إلى نقطة ثانية: يجب أن تدركي أنك
مسؤولة عن المجتمع.
فأنتِ مسؤولة عن المجتمع في بيتك، ومع أولادكِ،
وفي الشارع، وفي العمل، ومع العائلة، ومع الجيران.
عليكِ إذن أن
تَهبي نفسك للإسلام خلال العشرين سنة المقبلة.
لقد كانت النساء أمل
الإسلام أيام النبي (صلى الله عليه وسلم).
فلتجعلي لنفسك هدفاً، وهو
أنك مسؤولة عن الإسلام. وإذا كانت معلوماتك الدينية محدودة، أنوي أن تنقلي
إلى الناس ما تعرفينه. استمعي إلى أشرطة دينية، وتكلمي مع الناس عنها.
كوني قدوة بأخلاقك، وإذا لم تكوني محجبة، لا تجعلي ذلك يمنعك من الكلام مع
الناس في الدين، لأن كلامك مع الناس في الدين سيعينك على الحجاب.
إذا
لم تستشعر النساء المسؤولية ستضيع الأمة في المئة سنة المقبلة أيضاً. ولا
يكفي أن يتحمل الرجال المسؤولية وحدهم، لأن المفتاح في يدكِ أنتِ.. هذه هي
الحقيقة.. يجب أن تحملي الأمانة.
لقد كان المثنى بن حارثة قائداً من
قادة المسلمين في معاركهم ضد الفرس.
وفي معركة من هذه المعارك، قسم
الجيش إلى ميمنة وميسرة، ومؤخرة ومقدمة، وكان على كل جزء قبيلة.. الميمنة
عليها قبيلة، والميسرة عليها قبيلة، والمقدمة عليها قبيلة، والمؤخرة عليها
قبيلة.
فكانت القبيلة المسؤولة عن الميمنة قبيلة بني بكر، وقد خرجت
نساؤهم معهم لمداواة الجرحى كعادة النساء في الحروب الإسلامية.
وابتدأت
المعركة، وكان المسلمون منتصرين، ماعدا الميمنة، حيث قبيلة بني بكر، وبدا
أن الميمنة ضعيفة، ولم تكن همم جيش بني بكر عالية.
فكلما انتصر
المسلمون في جولة، ضعضعهم الفرس من ناحية الميمنة. وكان لابد أن يحدث تحسن
في الميمنة، ليتمكن المسلمون من الانتصار.
فكتب المثنى ورقة وأعطاها
لرجل، وأخبره أن يقرأها على نساء بني بكر. وهذا على الرغم من أن الرجال هم
الذين كانوا يحاربون.
وكانت الرسالة من سطر واحد تقول: «من المثنى
بن حارثة إلى بني بكر، لا تفضحوا المسلمين».
فأخذت النساء الورقة،
وأخذن بعصي الخيام يلوّحن بها لرجال بني بكر، وهن لا يقلن إلاّ عبارة
واحدة: «لا تفضحوا المسلمين! لا تفضحوا المسلمين!».
فانقلب رجال بني
بكر أسوداً، وجاء النصر من الميمنة، وانتصر المسلمون ببني بكر، وبذكاء
المثنى الذي يعرف قيمة المرأة وأنها محرك أساسي للرجال.
هذا المثال،
إن دل على شيء، فإنه يدل على أن الرهان على المرأة كائن منذ فجر التاريخ.
إنهم
يأخذون على القرآن، أنه مذكَّر ويتحدث بلغة الرجل، ولكنه يكلِّم مخاطَباً
واحداً لأن متقضيات اللغة العربية تحتم ذلك. فليس من المعقول أن يخاطب
الاثنين في كل آية.
وعندما يقول القرآن }وضرب الله مثلاً للذين
آمنوا...{ ماذا نتوقع؟ نتوقع أن يذكر سيدنا نوح أو عمر بن الخطاب أو مؤمن
سورة يس, أن يذكر الرجال العظام. ولكن القرآن يقول: }وضرب الله مثلاً للذين
آمنوا امرأة فرعون..{.
وهذه الآية كفيلة بالرد على الاتهامات، التي
توجه إلى الدين، وأنه يقول إن النساء ناقصات عقل ودين. بالتأكيد، نحن لا
نفهم هذا الحديث على الوجه الصحيح، وإلاّ، فكيف يمكن أن يحدث تناقض بين
كلام الله وكلام رسوله.. حاشا لله.
وقول الله: }وضرب الله مثلاً
للدين آمنوا...{ يعني أنه يضع للرجال وللنساء على حد سواء، نموذجاً يُحتذى
به في الإيمان، نموذجاً يصلح للبشرية كلها.
وعندما يضرب الله سبحانه
وتعالى المثل الثاني للمؤمنين، نتوقع أن يكون هذا المثل رجلاً، ولكن،
للمرة الثانية، تكون القدوة امرأة، وهي مريم ابنة عمران.
ولكن،
لماذا يريد الله أن يكون مثال الإيمان في الأرض من النساء؟ ورمز الإيمان في
الأرض من النساء؟
لأن المشكلتين الأساسيتين، اللتين تؤديان إلى
الفساد في الأرض، هما الجاه والمال والعفة، وهما أكثر ما يلهي الرجال
ويضيعهم ويؤدي إلى الفساد في الأرض.
ومن ثم فقد ضرب الله هذين
المثلين:
1 - }امرأة فرعون إذ قالت ربِّ ابن لي عندك بيتاً في
الجنة{. لقد قالت بيتاً في الجنة، وليس قصراً في الجنة، وهي التي كانت تعيش
في قصر على نهر النيل. وزوجها كان يقول: أليس لي مُلك مصر وهذه الأنهار
تجري من تحتي؟ ولكنها لم تكن تريد كل هذا. فأعرضت عن المال والجاه وفضلت
بيتاً في الجنة. وهي بصمودها أمام إغراء المال والجاه سبقت الرجال، وصارت
مثالاً للرجال الذين فتن المال والجاه عيونهم.
2 - }مريم ابنة عمران
التي أحصنت فرجها...{ وهي مثال للرجال الذين تفتنهم شهوة النساء، والنساء
اللاتي تفتنهن شهوة الرجال.
هذا هو ديننا الذي يُعلي من شأن المرأة.
ولذلك،
فأرجوكِ أن تحملي مسؤولية الإسلام. فنحن نحتاج إليك، والإسلام أمانة في
رقبتك.
ونكمل الأسبوع المقبل بإذن الله
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar