{ إنَّ اللهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها }
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا
دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ
مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ
فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا
اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
(27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ
اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
(29)﴾ (الأنفال).
أمانة الله دينه وشرعه الحكيم وقرآنه العظيم الذي أنزله على نبيه
محمد- صلى الله عليه وسلم ﴿لِتُخْرِجَ
النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى
صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ
شَدِيدٍ (2)﴾ (إبراهيم).
وأمانة الرسول- صلى
الله عليه وسلم- هي أيضًا هذا الدين الذي تلقاه عن ربه، فبلغه للناس كاملاً
غير منقوص، وأدى أمانته إليهم أكمل الأداء، وأتمه وأوفاه من غير زيادة ولا
نقصان ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا
مِنْهُ الْوَتِينَ (46)﴾ (الحاقة).
وأمانة المؤمنين بعد
رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة هي هذا الدين كذلك، هي
كتاب الله وسنة رسوله، وأحكام الإسلام الحنيف، وشريعته البيضاء السمحة
النقية، "لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا: كتاب الله وسنتي"،
وكل ما تحتاج إليه هذه البشرية من مُثُل عليا ومبادئ سامية، وخطط عملية
دقيقة، وأوضاع حيوية سليمة.. كل ذلك تضمنته هذه الرسالة الإسلامية (أمانة
الله ورسوله والمؤمنين)؛ فالربانية، والأخوة العالمية، والعدالة
الاجتماعية، والمشاعر الروحانية، والعواطف الإنسانية، والرحمة والسلام
والتعاطف والوئام.. كلها قد وضحت في هذه الشريعة، واستحالت بعد وضوحها إلى
أعمال يومية، وخطط تطبيقية، وشرائع عملية تسوق المجتمع سوقًا إلى ما فيه
خيره وسعادته في الدنيا والآخرة، وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ
يقول: "والله ما تركت من خير إلا وأمرتكم به، وما تركت من شرٍّ إلا ونهيتكم
عنه".
يا أبناء هذه الرسالة الإسلامية اسمعوا:
إن العالم كله اليوم
في مثل الظلمات التي كان فيها يوم بَعَث الله نبيكم سيدنا محمدًا- صلى الله
عليه وسلم- داعية الإسلام الأول، فهذه ظلمات الغباوة السياسية تتجلى في
قسمات وجوه ممثلي الدول العظمى اليوم، كما كانت تتجلى تمامًا على جبين
رؤساء دولة الأكاسرة أو القياصرة، وهذه ظلمات الدجل الاجتماعي تتكاثف
وتتراكم حول دعاة مبادئ الشيوعية والديمقراطية وغيرهما من الألفاظ التي لا
يقصد بها في حقيقة الأمر إلا توسيع مناطق النفوذ، والاستيلاء على مواطن
المواد الخام، وتسخير الأمم والشعوب العَزْلاء المجردة من الظفر والناب
لغيرها ممن اشتملت خزائنها على القنابل الذرية أو الغازات المهلكة أو أشعة
الموت فيما يزعمون، والآجال بيد الله، وهذه ظلمات الشهوات الجارفة تتغشى
أهل الأهواء وذوي الجاه والثراء، فينتهكون الحرمات، ويعيثون في الأرض
الفساد، في حماية من سلطان الجنيهات والدولارات وما إلى ذلك من هذه
المسميات.
والعدل والرحمة
والفضيلة وإنسانية الإنسان، والمساواة بين الناس، والتآخي الذي يجب أن يقوم
بينهم، واستقرار الأمن والسلام بإقرار الحقوق بين الأنام، كل هذا كلام
وكلام، لا وجود له ولا وصول إليه، وأنف الإنسانية راغم.
ولقد وقف نبيكم- صلى
الله عليه وسلم- في وجه هذه الظلمات جميعًا، يسلط عليها أشعة الحق،
ويواجهها بنور القرآن الكريم، ويقاومها برسالة الله وحده، ولا سلاح له إلا
الإيمان، ولا سند له إلا الله، ولا ظهير له من أهلٍ أو جند أو ولد أو مال
أو عدد أو عدة ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ
اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا
فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ (التوبة: من الآية 40)، ولقد استطاع في النهاية بتأييد الله أن ينتصر، وأن يركز راية الله في أرضه ﴿إِذَا
جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ
فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)﴾ (النصر).
وأنتم الآن أكثر عددًا
وأعظم عدة، وبين أيديكم كتاب الله، وفي أعناقكم أمانته، وقد ارتفعت أمام
أبصاركم دعوة الحق وراية القرآن الكريم تناديكم ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا
تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ
قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (21)﴾ (الأنفال).
يا أبناء هذه الرسالة
الإسلامية في كل وطن عامة، ويا أيها الإخوة المسلمون خاصة، إياكم أعني،
لقد نضجت الكمثرى، وامتاز الحق من الباطل، ووقفت أوروبا وأمريكا صفًّا
واحدًا، على اختلاف النزعات والأهواء والمبادئ ونظم الحياة بين أممها
وشعوبها، يأتمرون بكم، ويتقاسمون أرضكم، وينظمون طرائق العدو عليكم،
ويقدمون قلب أوطانكم العزيزة المقدسة فلسطين- التي بارك الله أرضها- لقمة
سائغة للصهيونية العالمية التي استطاعت بذهبها وغوايتها أن تطمس على
الأبصار والقلوب.. فماذا تنظرون؟.
العدد القليل والعدة الواهية لا يضران شيئًا مع الإيمان الكامل، وبذل الوسع، واستنفاد الجهد، وحسن الاعتماد على الله ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة: من الآية 249)، ﴿الَّذِينَ
قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
(173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ
سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)﴾ (آل عمران).
فإلى العمل أيها الإخوة والاخوات، وأدُّوا أمانة الله ورسوله
﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 35).
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar