حتى أنَّ المرء يرى الفقر في ضحكة رجل ثلاثيني ذي فمٍ خالٍ من الأسنان، فالطبابة مسألةٌ مُكلِفةٌ في المغرب لا يستطيع كلٌّ تحمُّلها، ولكنْ ليست طبابة الأسنان وحدها ترفًا إنما أيضًا التعليم والسكن والعمل، بل الحصول على الماء والغذاء والكهرباء أيضًا.
خُمس الشعب المغربي يعيش تحت خط الفقر أو يكاد، أي أنَّ 6.3 ملايين إنسانٍ لا يملكون مواد العيش الأساسية المذكورة آنفًا، وذلك وفقًا للمعلومات التي نشرتها كلٌّ من وكالة الاستخبارات الأمريكية في "كتاب حقائق العالم" CIA Worldfactbook والبنك الدولي Weltbank.
هذا وقد تولى الملك شخصيًا الاهتمام بقضية غلاء أسعار كل هذه المستلزمات سنة 2011 وتعهد بتسهيل الحصول عليها في إطار إصلاح دستوري، وقد لُقِّبَ محمد السادس الذي يدعوه الشعب المغربي م6 بـ "ملك الفقراء" قبل هذا الوعد، حيث طلب أنْ يحمل هذا اللقب منذ تولـِّيه العرش سنة 1999. ولم تتأثر صورته كملك الفقراء التي يعنى بها، بحقيقة أنَّه بالفعل من أغنى ملوك العالم بحسب فوربيس Forbes التي قدرت قيمة أملاكه الخاصة بملياري دولارٍ أمريكيٍ في سنة 2007.
رغم أنَّ الجهات الرسمية قد استثمرت بالفعل بعض المال في مكافحة الفقر وحققت بذلك تقدمًا أيضًا، إلا أنَّ هذا لم يوقف الشكوى المتكررة من عدم تغيُّر الكثير لدى أغلبية المواطنين الفقراء. إنَّ معاينة الإصلاحات الدستورية الملكية التي أجريت سنة 2011 تُبيِّن بجلاءٍ أنَّ الفقر قانونيًا يُشكِّل معضلةً أساسيةً وعميقةً في المغرب، وأنَّ هناك حاجةً لحلولٍ مناسبةٍ لا تحارب الأعراض فقط، ولتجنب حدوث هبّاتٍ على غرار ما حصل في دول الربيع العربي الأخرى تمَّ في سنة 2011 اعتماد إصلاحاتٍ بسرعةٍ قياسيةٍ (خلال أربعة أشهر) غايتها تحقيق الاستقرار في البلاد.
ومنذ ذلك الحين يرِدُ في الدستور على الأقل ذكرُ الحقوق الاجتماعية –مثل الصحَّة والضمان الاجتماعي والتعليم والسكن الملائم، ولكنْ على المواطنين المغاربة مواصلة الأمل بأنْ تسعى حكومةٌ جيدةٌ بالفعل إلى تحقيق حقوقهم الأساسية، وعلى الرغم من إنشاء مجلسٍ اقتصاديٍ ومجلسٍ اجتماعيٍ، إضافةً لزيادة الدعم الحكومي على الأغذية الأساسية وغاز الطهي، إلا أنَّ الدستور لا يكفل هذه الحقوق الأساسية، ما يعني عدم القدرة على المطالبة بها قضائيًا.
يترتب على هذا استمرار خضوع المواطنين العاديين للارتهان التاريخي لرِضى النخبة الموالية للعرش صاحبة الامتيازات المعروفة بـ"المخزن"، كما تترتب عليها الرِّشى التي تحافظ على استمرار النظام وهي جوهر الفساد المتغلغل في كل المؤسسات.
ليس من شأن هذا تقليل حدَّة الفروقات الاجتماعية الواسعة بل زيادتها. هذا تقدير البنك الدولي أيضًا بحسب تقرير له صدر في شهر آذار/ مارس 2014 انتقد فيه حدَّة التَّباين فيما يتعلق بالدخل وتوفُّر المستلزمات الأساسية في المغرب على وجه الخصوص (هنالك ما يسمى "معامل جيني" لقياس درجة عدم المساواة في التوزيع في بلدٍ ما -تنحصر قيمة المعامل بين الصفر كقيمةٍ تُعبِّر عن المساواة المطلقة والعدد واحد كقيمةٍ تُعبِّر عن عدم المساواة المطلقة-، هذا المعامل تمَّ تقديره في المغرب بـ 0.41 سنة 2007 وبذلك يكون المغرب قد تأخر حتى عن دول جنوبي الصحراء الكبرى: مالي وبوركينا فاسو وتشاد).
هروب من حلقة الفقر المفرغة
التفاوت بين المدن الكبرى وضواحيها صارخ، إذ يتركَّز ثلثا الفقراء في المناطق الريفية النائية، كما يواجه سكان الريف تحديات كثيرة في آنٍ واحد: بسبب سوء البنية التحتية لا يجري تزويد أجزاء واسعة في المناطق الريفية على نحو كاف بالمياه والكهرباء، بينما المسافات إلى آبار المياه الجماعية طويلة، والإنتاج الزراعي مرهونٌ بشكلٍ كاملٍ بتوفُّر المياه وكذلك قرار تحديد الفقر أو الغِنى.
ولهذا الأمر عواقب تؤثر على البلد كلِّه حيث تعتبر الزراعة إحدى دعائم الاقتصاد المغربي لأنَّها تشكٍّل نحو 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ يضاف إلى ذلك أنَّ شبكة المواصلات ليست موسَّعة بقدرٍ كافٍ، مما يعيق الكثيرين من الأطفال المغاربة من الوصول إلى المدارس.
توضِّح صعوبة الوصول إلى المدارس ومراكز التعليم سبب ارتفاع نسبة الأمِّية في المناطق الريفيَّة في المغرب والتي تفوق عن نسبتها في المراكز الحضرية بأضعافٍ، فعلى سبيل المثال بلغت نسبة الأمِّية 32 بالمائة في مراكش سنة 2004 بحسب المندوبية السامية للتخطيط HCP في المغرب، أما في مناطق الريف المحيطة بمراكش فبلغت النسبة 66 بالمائة، أي أكثر من الضعف. هذا الأمر يطول النساء في الأرياف أكثر من غيرهن، ففي سنة 2012 كانت نسبة النساء اللواتي لا يستطعن القراءة والكتابة تبلغ 72 بالمائة في إقليم الحوز الواقع في منطقة جبال الأطلس جنوبي مراكش.
لا يمكن الإفلات من حلقة الفقر المفرغة إلا بصعوبة، فمشاكل البنى التحتية التي تعيق الوصول إلى التعليم تزيد من التفاوت في التعليم الذي يؤدي بدوره إلى الفقر، وبسبب شحة المياه تصبح المناطق الزراعية المهدَّدة أكثر فقرًا، إضافةً إلى ذلك هناك ما يسمى بـ "هجرة الشباب" الذين لا يجدون في كثيرٍ من الأحيان مخرجًا من الفاقة إلا في السَّعي خلف حظِّهم في مكان آخر، وفي مدينة كبيرة.
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar