لكل من سيذهب إلى صندوق الانتخابات أن ينظر
إلى ما كان من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وهو يضع نصب عينيه هذا السؤال (فإن سألني ربي؟)
أوردت كتب السير والتاريخ أمرًا استرعى انتباهي؛ هو أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في صلاة
الفجر، دخل عليه بعض القوم, فقيل له: يا أمير المؤمنين لو استخلفت!
قال: من أستخلف؟
لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيًّا استخلفته, فإن سألني ربي, قلت سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول "إنه أمين هذه الأمة"، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيًّا استخلفته, فإن سألني ربي, قلت سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول "إن سالمًا شديد الحب لله!"، فقال له رجل: أدلك عليه (أي على من تستخلف)؟ عبد الله بن عمر بن الخطاب!، فقال: (أي عمر) قاتلك الله! والله ما أردت الله بهذا، ويحك! لا أرب لنا في أموركم.. ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي، وإن كان خيرًا فقد أصبنا منه, وإن كان شرًّا فحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد, ويسأل عن أمر أمة محمد.. لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي, وإن نجوت كفافًا لا وزر ولا أجر إني لسعيد.
عادت إلى ذهني هذه الرواية وأكاد أراجعها مع نفسي كل يوم، وأنا أنظر إلى حال أمتي في ماضيها ومستقبلها، خاصةً هذه الأيام، وهي تستعد لاختيار نواب الشعب الذين سيكون في أعناقهم وضع الأسس لمستقبل هذه الأمة.
فلنحلل ما كان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أولاً:
1- مع أنه مطعون بالخنجر فإن ذلك لم يشغله عن قول الحق.
2- عندما ورد بخاطره اختيار أي شخص لم ينظر لكونه قرشيًّا أو قريبًا أو من المهاجرين أو الأنصار, أو غنيًا أو غير ذلك, وإنما كان جل تفكيره الإجابة على السؤال الذي طرحه على نفسه وهو (فإن سألني ربي؟)، وإنه لشعور بمسئولية الاختيار.
3- عندما عرض عليه ولده عبد الله رضي الله عنه وفي مثله قال الإمام الذهبي: لو بويع لأجمعت عليه الناس لسلوكه وعلمه, ولكن عمر غضب ممن عرض عليه ذلك.
من هذه الرواية أتوجه لنفسي ولكل من سيذهب إلى صندوق الانتخابات أن ينظر إلى ما كان من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يضع نصب عينيه هذا السؤال (فإن سألني ربي؟) إن هذا العضو الذي ستختاره هو من الذين سيختارون الهيئة التي ستعد الدستور, وهو من الذين سيصوِّتون على القوانين, وهو من الذين سيحاسبون الحكومة, وهو من الذين سينظرون في الاتفاقات الدولية والمعاهدات والمنح والقروض, فهل ترى فيمن تختار والفريق الذي ينتسب إليه أهليته للقيام بهذه المهمات ابتغاء وجه الله؟
إن التكاسل عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات جريمة قومية, وقعود عن نصرة المبادئ التي تراها عالية وتؤمن بضرورة أن تسود الأمة إلى بر الأمان، وإن الاختيار على أساس العصبية، أو المصلحة الشخصية أمر مذموم بكل المقاييس وغير لائق من إنسان يؤمن بقوله تعالى (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) (ق).
إن الشريعة الإسلامية الربانية التي تدعو إلى الأخوَّة الإنسانية الصادقة, والتي تسمو بالنفس البشرية حين تجعلها تراقب في تصرفاتها الدار الآخرة دار الجزاء.. هذه الشريعة الربانية النازلة إلينا بالحق (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (الإسراء: من الآية 105), فهي من لدن حكيم عليم (لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) (الملك), شريعة شاملة للمبادئ والناس والزمان والمكان, شريعة تقوم على العدل والحرية والكرامة، والأمن والاستقرار, شريعة لا تجعل لأحد أن يتعالى على أحد ولا أن يظلم أحدًا, هذه الشريعة تحتاج إلى من ينصرها ويؤيدها, فانظر في نفسك هل أنت من أعوانها؟ ليس بنفسك فقط بل بكل من تعلم ومن لا تعلم, حتى تؤدي حقها عليك.
ثم إن سؤال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (فإن سألني ربي؟) جعلني أفكر في منسوبي وزارة الداخلية الذين سكنوا في بيوتهم أو مساكنهم يحصلون على رواتبهم، ولا يؤدون الواجبات التي عليهم.
- كل يوم نسمع عن سيارات تسرق من أصحابها وهم يقودونها.
- كثير من الأفراح في معظم البلاد يشرب فيها البانجو والمخدرات.
- سرقات سيارات نقل الأموال.
- الفوضى في المرور.
أين رجال الشرطة من هؤلاء؟ هل الشرطة لا تعمل إلا إذا كانت ظالمة؟ تؤذي الناس وتضربهم وبعض منسوبيها يأخذون الرشوة, ألا يعلم رجال الشرطة من ضباط وأمناء ومخبرين من هم البلطجية؟ إنني أتوجه إليهم بنفس السؤال (فإن سألني ربي؟).
يا رجال الداخلية بكل الرتب.. اليوم دنيا، وغدًا آخرة.. فيها حساب بين يدي جبار السماوات والأرض, غدًا سيقف هذا الشعب خصمًا لكم بين يدي الله على هذه الفوضى، وهذا التقصير فبماذا ستجيبون ربكم إذا سألكم عن ذلك؟!
إن (مافيا) استغلال الشعوب, و(مصاصي) دماء الفقراء سيكون لهم مشهد يوم القيامة وسوف يسألون.
إن أصحاب السلطة من رؤساء مجالس المدن والقرى ورجال القسم أو المركز ورجال القضاء والنيابة وكبار ذوي المناصب لن يتضرروا بهذا, فأنابيب البوتاجاز ستصل بالسعر المحدد, وأغنياء الناس لا يضرهم ارتفاع الأسعار, ولكنَّ عامة الشعب الفقراء ومتوسطي الدخل هم الذين سيدفعون من القليل الذي معهم ما يمتصه مصَّاصو الدماء من مفتعلي الأزمات، داخل شوارع المدن وعلى الطرق تجد الآن من يجلس ومعه عدة جراكن بها بنزين أو سولار ليبيعها بالسعر الذي يراه.
كل هذه ظواهر بلطجة, فالبلطجة ليست بالسنج والمطاوي فقط، ولكن باستغلال الشعوب وبلطجة غض رجال التموين الطرف عما يحدث, ولماذا؟ الله يعلم!! وكذلك الشعوب جربت وتعلم شيئًا من الأسباب, وكذلك بلطجة وزارة الداخلية بالسكوت عن كل ما حولها.
وفي الختام..
أدعو الأئمة والوعاظ إلى إيقاظ الحس الإيماني بين الناس, وإيقاظ الشعور بالمسئولية بين يدي الله, وأتمنى ألا يتوقف ذلك على خطبة الجمعة التي يؤدونها بل أتمنى أن يذهبوا إلى المقاهي والنوادي والمنتديات وأماكن تجمع الناس وأن يقفوا مع الناس في هذه الأزمات، ويوضحوا لكل واحد مسئوليته، وأن يهتموا بأمر الانتخابات؛ فهذا واجبهم نحو شريعة الله.
هذه بعض الأمور حول (فإن سألني ربي)، ولكن حقيقة الأمر أن هذا السؤال يجب أن يشغل بالنا جميعًا في كل أمور حياتنا, نسأل الله أن يعيننا على حسن طاعته.
الأحد 10 مارس 2024 - 17:52 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر جمادى الثانية عام 1445هـ الموافق دجنبر 2023م يناير 2024م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 20:42 من طرف omar
» وفاة العلامة العياشي أفيلال المغرب تطوان عن عمر يناهز 82 سنة
الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 12:48 من طرف weink
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذي الحجة عام 1444هـ الموافق يونيو يوليوز 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الجمعة 23 يونيو 2023 - 19:25 من طرف omar
» في عيد المقاومة ويوم التحرير لفلسطين عهدٌ ووعدٌ
الإثنين 29 مايو 2023 - 19:56 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر ذو القعدة عام 1444هـ الموافق ماي يونيو 2023م GMT+1 شمال المغرب تطوان
الخميس 25 مايو 2023 - 21:28 من طرف omar
» الجنرال محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية
الأحد 23 أبريل 2023 - 17:05 من طرف omar
» محمد بن سلمان آل سعود
السبت 22 أبريل 2023 - 23:28 من طرف omar
» الفنان السوري محمد قنوع توفي مساء اليوم السبت، في إثر احتشاء في عضلة القلب، عن عمر ناهز الـ 49 عاماً
السبت 22 أبريل 2023 - 22:44 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شوال عام 1444هـ الموافق أبريل ماي 2023م بتوقيت +1 GMT المغرب تطوان
السبت 22 أبريل 2023 - 21:21 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر شعبان عام 1444هـ الموافق فبراير مارس 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الإثنين 27 فبراير 2023 - 22:50 من طرف omar
» حـصة أوقات الـصلاة لـشهر رجب عام 1444هـ الموافق يناير فبراير 2023م GMT+1 المغرب تطوان
الخميس 26 يناير 2023 - 19:00 من طرف omar